عدن – فاطمة العنسي:
تركوا بلدهم الذي يعيش تحت وطأة الحرب منذ 8 أعوام، وفروا إلى بلد لم يتوقعوا أنه سيواجه حربًا أخرى أشدَّ شراسة مما شاهدوه في اليمن.
يعيش الطلاب اليمنيون اليوم في حالة من الخوف والقلق، خصوصًا بعد أن طلبت منهم السفارة اليمنية في وارسو، التوجه إلى حدود بولندا، ليتم إجلاؤهم من أوكرانيا، بسبب عدم وجود سفارة لليمن هناك. هكذا تصف الناشطة السياسية والحقوقية أروى الشميري، حال الطلاب اليمنيين المبتعثين في أوكرانيا، عقب تصاعد وتيرة الصراع بينها وبين روسيا مؤخرًا.
وأطلقت روسيا هجومًا مسلحًا على أوكرانيا، لليوم السابع على التوالي، بغية إعادة أوكرانيا إلى كنف الدولة الروسية، بعد استقلالها عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وظهر الرئيس فلاديمير بوتين على شاشة التلفزيون، معلنًا أن روسيا لا تستطيع أن تشعر “بالأمان والتطور”، بسبب ما وصفه بالتهديد المستمر من أوكرانيا الحديثة.
وكانت المطارات والمقار العسكرية تعرضت أولًا للقصف بالقرب من المدن في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك مطار بوريسبيل الدولي الرئيسي في كييف.
وتؤكد الشميري، بحسب تواصلها المستمر مع الطلاب اليمنيين، لـ”المشاهد”، أن الطلاب يواجهون مخاطر، حيث حاول بعضهم الوصول إلى الحدود البولندية دون أية معرفة للطريق رغم استخدامهم الخريطة عبر الإنترنت، لكن ضعف شبكة الإنترنت بسبب الأوضاع، عرقلهم كثيرًا في معرفة الاتجاه الصحيح، بالإضافة لانتهاء شحن جوالاتهم، وبالتالي صعوبة التواصل معهم من قبل الجهات المعنية. ويوجد طلاب يمنيون عالقين حاليًا في القطارات، بسبب توقفها عقب القصف المستمر على دولة أوكرانيا.
عالقون في المنفذ
يقول الطالب اليمني المقيم في كييف، ضياء عادل الكريحي، إنه عالق في المنفذ ما بين أوكرانيا وبولندا، برفقة اثنين من الطلاب اليمنيين، مؤكدًا أنه لايزال الكثير من اليمنيين عالقين في الأراضي الأوكرانية، ولكن العدد مجهول بالنسبة إليه، لأن الطلاب يتوزعون في عدة مدن أوكرانية، ولا توجد إحصائية رسمية بعددهم.
ويقول الكريحي، في حديثه لـ”المشاهد”، إن “الدول الأوروبية المجاورة تسمح لليمنيين بالدخول إلى أراضيها عبر تعبئة استمارة لجوء”. مؤيدًا حديث الناشطة الشميري بوجود طلاب يمنيين عالقين داخل القطارات.
“هناك ازدحام كبير في المواصلات وعلى القطار، ولا يوجد غذاء كافٍ، سمعنا أنه تم إنزال عدد من الطلاب بالقوة من وسائل المواصلات لإصعاد عدد من الأوكرانيين”، يضيف الكريحي.
ويبلغ عدد اليمنيين المقيمين في أوكرانيا، بحسب ما صرحت به لجنة الأزمة الخاصة باليمنيين، 600 عائلة، وفق الشميري. ويؤكد حاتم محمد أبو حاتم، رئيس منصة صوت المبتعث اليمني، أن الطلاب المقيمين في مدينة كييف وبعض المدن الأوكرانية، تصل أعدادهم إلى ما يقارب 350 طالبًا وطالبة، منهم من يدرس على نفقة الدولة، ومنهم من يدرس على حسابه الخاص. ومايزال الكثير منهم محاصرين حتى ساعة كتابة التقرير، ولا يستطيعون الخروج أو النزوح من أوكرانيا.
ويقول أبو حاتم لـ”المشاهد” إنهم تلقوا العديد من المناشدات من الطلاب اليمنيين الدارسين في أوكرانيا، عبر منصة صوت المبتعث اليمني، للمطالبة بسرعة إجلائهم قبل اندلاع الحرب، وذلك خلال مناشداتهم في المؤتمر الأول للطلبة المبتعثين في الخارج، الذي عقد الشهر الماضي، ولكن للأسف لم تتخذ الحكومة أي إجراءات قبل بدء الحرب، أسوةً بباقي الطلاب الأجانب الذين تم إجلاؤهم، إلا اليمنيين لم تلتفت إليهم الجهات المعنية في حينه.
ونوهت الشميري بقيام الحكومة اليمنية برعاية سلطان البركاني، رئيس مجلس النواب، بمتابعة قضية اليمنيين العالقين في أوكرانيا عقب نشوب الحرب، والعمل على تيسير عملية إجلائهم من بولندا ثم إلى اليمن.
التوجه نحو بولندا
يشير أبو حاتم إلى أن السفارة اليمنية في بولندا طرحت تعليمات للنزوح إليها، ولكن للأسف لم يتمكن الطلاب من النزوح بسبب ارتفاع سعر التذاكر، وصعوبة التنقل نتيجة للأوضاع الراهنة.
ويتابع: “بحسب تواصلنا مؤخرًا، هناك تحرك من سفارتنا في بولندا عن طريق الدكتورة ميرفت مجلي، سفيرنا في وارسو، والقنصل خالد الكثيري، إذ بذلوا جهودًا في التنسيق لإجلاء الطلاب من أوكرانيا، ولكن مايزال الطلاب يعانون من غلاء التذاكر وشحة الإمكانيات المادية لديهم نظرًا لانقطاع المستحقات المالية للمبتعثين لأكثر من 10 أشهر”.
ويطالب الحكومة اليمنية باتخاذ إجراءات عاجلة وجدية لإجلاء الطلاب والجالية اليمنية بشكل عام، وبذل المساعي لإنقاذهم، وسرعة صرف المستحقات ليتمكنوا من النزوح والهروب من ويلات الحرب التي يعاني منها اليمني في الداخل وتلاحقه حتى الخارج.
وتقول الشميري إن “المواصلات العامة في أوكرانيا تكاد تكون معدومة بسبب خطورة الوضع، ونادرًا ما يمكن الطلاب الحصول على مواصلات، ويدفع الطالب 150 دولارًا للسائق الأوكراني مقابل نقله، كما تم إبلاغنا من بعض الطلاب الذين وصلوا بولندا”، مشيرة إلى أن السفارة لن تستطيع توفير أي مواصلات لهم، وإنما تعمل على تسهيل دخولهم إلى بولندا بعد وصولهم إلى الحدود.
وأصدرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، عبر بيان، أن “السفارة اليمنية في وراسو قامت بتسهيل إجراءات عبور الحدود الأوكرانية لعدد 18 مواطنًا يمنيًا إلى الأراضي البولندية، وقيام القنصلية الفخرية لبلادنا في رومانيا بتسهيل دخول 4 مواطنين يمنيين إلى الأراضي الرومانية”.
وأشارت الوزارة، إلى أنها تتابع بشكل دائم مع بعثاتها الدبلوماسية في الدول المجاورة لأوكرانيا، أحوال المواطنين اليمنيين، وتقوم بالتواصل والتنسيق مع السلطات المعنية في تلك الدول من أجل تأمين خروجهم بسلام من أوكرانيا إلى الدول المجاورة.