حضرموت – سالم الصبري
دخلت الأحداث التي تشهدها محافظة حضرموت “شرق اليمن” منذ أشهر منحنى جديد تمثل بالتراشق الإعلامي بين الحكومة والسلطة المحلية للمحافظة.
القصة بدأت الأحد الماضي، عندما قام محافظ حضرموت فرج البحسني بإرسال رسالة إلى رئيس الحكومة اليمنية، الدكتور معين عبد الملك، تتضمن جملة من المطالب لتهدئة الشارع والتخفيف من حالة الاحتقان في محافظة حضرموت، حد تعبير محافظ حضرموت.
وقال البحسني في تغريدة مقتضبة على حسابه في تويتر رصدها “المشاهد“: رسالتنا لرئيس مجلس الوزراء والتي حددنا فيها مطالب حضرموت العاجلة والتي من خلالها يمكن الحد من الاحتقان، ولن نستطيع أن نسمح لناقلة النفط بالدخول إلى الميناء إلا بتحديد آلية واضحة لتنفيذ هذه المطالب”.
وأضاف المحافظ البحسني: “نؤكد أنها تمثل جزءًا من المطالب، ومن خلالها سنلمس الجدية بإعطاء حضرموت حقوقها”.

غير أن مراقبين اعتبروا حديث محافظ حضرموت تهربًا من المسؤولية وتحميل الحكومة تبعات ما يحدث من احتقان شعبي.
بدورها ردت الحكومة على رسالة محافظ حضرموت بكشف حساب تفصيلي عن حجم الإنفاق الحكومي المقدم للسلطة المحلية بحضرموت منذ العام 2018.
وعبّرت الحكومة في بيان صادر عنها عن انحيازها لمطالب المواطنين محملةً في الوقت نفسه السلطة المحلية بحضرموت مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في حضرموت والفشل في إدارة الأزمة الناتجة عن ذلك.
وفي هذا السياق، قال مصدر حكومي مسؤول في بيان نشرته وكالة سبأ الحكومية، إن الحكومة وانطلاقًا من واجباتها ومسؤولياتها الوطنية ملتزمة بتأمين احتياجات ومطالب المواطنين المشروعة في محافظة حضرموت وكل المحافظات، والتخفيف من معاناتهم بكافة الإمكانيات المتاحة، كون مصالح المواطنين ليست مجال للمزايدة ولا يجوز لمن يتصدى لإدارة الشأن العام التهرب من المسؤولية تحت أي اعتبار أو غطاء على المستويين المركزي أو المحلي.
وأعرب المصدر عن بالغ الأسف لتطورات الأوضاع في محافظة حضرموت وأثر ذلك على استقرار الأوضاع في المحافظة، وأهمية العمل بمسؤولية على معالجة المطالب المشروعة للمواطنين وتلبية احتياجاتهم في الجوانب الاقتصادية والخدمية والمعيشية وغيرها، بشكل تكاملي وعقلاني يحافظ على النموذج الذي قدمته المحافظة كبيئة آمنة للاستقرار وجذب الاستثمارات والتنمية.

وأفاد المصدر “أن معالجة الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين تحتم العمل بروح المسؤولية واحترام القوانين، وتجاوز المصالح الآنية والعمل المشترك من أجل تحسين أوضاع المواطنين في المحافظة والتخفيف من معاناتهم اليومية”.
مؤكدًا أن الحكومة استدعت محافظ محافظة حضرموت وممثلي السلطة المحلية في الساحل والوادي والصحراء إلى العاصمة المؤقتة عدن للتباحث مع الحكومة بشأن مطابقة الحسابات الخاصة، وكشوف الإيرادات والإنفاق والدعم الحكومي، وأوجه إنفاقها خلال الفترة السابقة، بالإضافة إلى مناقشة ووضع الحلول للمطالب الشعبية المشروعة، بعيدًا عن المراسلات الشعبوية التي تعكس خلل في طبيعة التعاطي المسؤول بين مؤسسات الدولة ومستوياتها المختلفة.
وأوضح المصدر، أنه ومنذ صدور قرار رئيس الجمهورية بتخصيص حصة التنمية لمحافظة حضرموت، بلغت هذه الحصة بالعملة الأجنبية مبلغ وقدره 460 مليون دولار منذ بداية العام 2018، وحتى نهاية العام الماضي 2021.
حيث تم تخصيص 375 مليون دولار منها إلى حساب التنمية لدى السلطة المحلية، إضافةً إلى مبلغ 85 مليون دولار خصصته الحكومة لبناء محطة الوادي الغازية بتوجيهات فخامة الرئيس، وتتحمل بترومسيلة نفقاتها التشغيلية حتى الآن.
كما أن المستحق كنسبة تنمية للمحافظة في دورة المبيعات الحالية قرابة 20 مليون دولار، وسيُضاف اليها قرابة 25 مليون دولار متوقعة باعتبار أسعار النفط العالمية حاليًا من الشحنة التي جرى عرقلة تحميلها مؤخرا، ليصل المبلغ قرابة 45 مليون دولار يمكن أن تعزز حساب التنمية للمحافظة على دفعتين خلال اقل من شهر واحد فقط، وهذا يوضح إلى حد كبير مدى استفادة المحافظة من قرار فخامة الرئيس بتخصيص نسب التنمية المحلية، وفق الحكومة.
وأضاف المصدر “أن الحكومة عززت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت بمبالغ إضافية (تحويلات مركزية) لدعم مشاريع تنموية واستحقاقات قطاع الكهرباء ووقود وطاقة مشتراه بمبلغ 40 مليون دولار، بما في ذلك المساهمة الحكومية في محطة كهرباء الشحر الجديدة”.

مبينًا أن الحكومة دعمت محافظة حضرموت بما يُقارب 36 مليار ريال للفترة 2018 – 2021 للاستجابة لاحتياجات عاجلة بناءً على طلب السلطة المحلية في المحافظة، كما خصصت الحكومة ما يقارب 129 ألف طن من الوقود المدعوم من المنحة السعودية لمحطات الكهرباء في المحافظة في عام 2021، بما يبلغ قيمته 70 مليون دولار تم سدادها مركزيًا.
ووضح المصدر أن إجمالي الإنفاق المركزي للمحافظة في الموازنة العامة للدولة لسداد المرتبات والأجور والنفقات التشغيلية للسلطة المحلية والمكاتب التنفيذية والاعانات المالية للأعوام من 2018 والى 2021 بلغ 196 مليار ريال.
ولفت المصدر إلى أنه في المقابل لم تورد السلطة المحلية في محافظة حضرموت إيرادات مركزية مستحقة بإجمالي 41 مليار ريال، وقامت بتجنبها في حسابات خاصة بالسلطة المحلية.
وتشهد محافظة حضرموت منذ أشهر إحتقانًا شعبي أطلق عليه “الهبة الحضرمية الثانية”، وأبرز مطالبها وقف “نهب” ثروات حضرموت وانتزاع حقوق أبناء حضرموت في كافة المجالات.